طرق و تعرّجات
عندما اتصلت صديقتي "نجاة" صباحا لتخبرني بأنها رزقت بولد..تذكرت الحديث التلفوني الذي دار بيننا منذ شهور حين علمت جنس المولود...ولا زلت ابتسم و انا هنا اكتب ...
نبذة لا بد منها:
..نشأت في عمارة غريبة بل كان حيا تسكنه عينات من البشر مختلفة و على مختلفة اهرب بخيالك في أقصى مكان يمكن أن يذهب به..ها..أوصلت؟
ربما سأروي يوما حكايات عنها...و حتما ستتعجب
حين كان الجميع يشاهدون و يعايشون و يتبعون و ينتقدون...كنت أنا كصاحبة التدوينة اهرب بكل تلك المعطيات بعقلي و بخيالي و أحاول أن أجد لها مفهوما أو عذرا أو ما شابه ذلك..حين كانو يقفزون ما وراء الحدث كنت احمله أنا معي ....أنا لا أتوه أحدا بهذه السطور... فقط لازال عندي الكثير من التحفظ للخوض في تفاصيل أناس عرفتهم و عايشتهم
في تلك العمارة ..كبرنا نحن الأربع صديقات ..مختلفات بشدة سوى أننا كنا كلنا من عائلات طيبة....ولم تكن دائما تلك الحال مع باقي السكان....أنا اصغر الثلاث بسنتين..أما عن الاختلاف فكل واحدة تنتمي إلى مدينة مختلفة...التركيبة الأسرية كانت أيضا مختلفة جدا...فبينما كانت أسرتي طويلا مكونة من أربعة أفراد حيث الوالدان يعملان...كانت نجاة تنتمي الى أسرة كبيرة متحفظة لدرجة الرجعية والوالدين أمّيين....بينما ترعرعت "ح" في بيت يحويها وجدتها و عمها...كما جرى الاتفاق حين ولدت أن تكفلها الجدة لأنها لم ترزق بالبنات و الحقيقة أنها كانت بؤبؤ عينيها ..و رغم عن هذا ظلت تحضا بمرتبة خاصة عند أبيها لم تزحزحها واحدة ممن رزق بهن بعدها و حتى بعد انفصاله عن والدتها و إنجابه أخريات من زوجة الثالثة ..الحقيقة أبو البنات لم يكن يسكن عمارتنا لكننا اعتدنا على رؤيته منذ الصغر ..هو رجل ذو مرتبة اجتماعية و ثقافية مهمة......اما 'ي' فأظنها كانت الأتعس حظا كانت تنتمي الى أسرة متحدة لكنها معادة التركيب .. اخوات لم يكن لهن الحظ الكثير في الزواج ثم انجبن و طلقن ...واحدة هي التي لم تتزوج مرة أخرى بعد طلاقها كانت خالة "ي" و كان البيت بيتها الذي يأويها وولديها و بنت اختها "ي" و بن اخيها الشاب و كل من كانت له مشكلة من اصدقاء ولدها...و اختيها حين يمرضن او حين تنفصل احداهن عن زوجها...........
ثم كبرنا كلنا و كبرت مشاكلنا و تغيرت معطياتنا و لذلك حديث آخر
و نحن صغار كانت نجاة تردد حين أتزوج لن أنجب سوى مولود واحد و أتمنى من كل قلبي أن تكون بنتا و عندما كبرنا أكثر كانت تقول انها ستعطيها اسمي
منذ شهور في المكالمة الاولى
و هي تتذمر من آلام الحمل : أرأيت كنت أود ان تكون بنتا على الاقل كانت ستساعدني في شغل البيت
أنا ضاحكة: تريدين نصيحة ..بما أن ما كان كان....زوجيه صغيرا و ستجدين عروسا تخدمك
هي : انتظر كل تلك السنوات...هذا ليس حلا
أنا: عندي حل اخر ...اختاري له عروسة منذ الصغر و ربيهما مع بعض و هاهي تساعدك و عندما يكبران زوجيهما
هي: مطرقة ...يعني اتعب في تربية اثنين معا لغاية ما يكبران
أنا: عندي حل اخر ..علميه منذ الصغر أن يساعدك
هي: لااااااااا أخاف على مستقبل الولد
فطبعا ننفجر ضاحكتين لأسكتها قليلا من التذمر و ترجوني ان اسكت لأنها تخاف من نقمة الله على ما كان يبدو تذمرها "المعتاد"
في الصباح لما أبلغتني انها رزقت بالمولود الجديد و انّ "ح" ايضا رزقت بولد....أخبرتها أني سأزورها في الأيام المقبلة..ثم سألتها عن اسم المولود..فأجابت
ريّان و لم تنطقها بالشّدة...فجاءت على وزن
Rayan
فضحكت :يا بنتي لماذا لم تسمه بواحد من أسمائنا القدامي؟..روحتي تختاري من أسامي الموضة
هي:
أخبرتني بأنها اتصلت بي قبل ان تدخل المستشفى و بعدها ...لم اسمع هاتفي النقال حين رن ثم تباطأت في مكالمتها ثانية فلم يكن في حسباني انها كانت ستلد هذا الشهر.
في الحقيقة ..و بعد سنوات رحيلنا الى بيت منعزل لازلت اكنّ للكثير من رفاق الدار معزة خاصة بحكم السنين و الذكريات و الروائح و النوستالجيا....لكن لم تعد علاقة حقيقية تربطني بهم.. أما في الجمع السابق ..فكل واحد منا قد شق طريقه ...
لم يبق لنا مع "ي" الكثير من الاتصال و لا من الود ..ثم انها هاجرت بعد ان تزوجت إلى بلد أوروبي ...زارتنا وزرناها من سنتين او اكثر
"ح "..اخر مرة رايتها فيها كانت منذ سنة... يوم زواجها
بينما تأتي نجاة بصحبة زوجها الطيّب لزيارتنا بين الحين و الاخر
عن "نجاة " التي أظنني كنت صديقتها الوحيدة بالرغم من كونها اجتماعية جدا و شخصية قوية جدا و كما كنا نسميها سابقا "معزة و لو طارت" كناية عن عدم إقرارها بوجهة نظرك ان كانت افشت باخرى مغايرة حتى و لو بدت لها كوضوح الشمس.
التي لا زالت تبحث دوما عني...
لقد ذهبت يا صديقتي
ما زلت أسعد كثيرا بلقائهن و لقاء اسرهن ...لكن بعد مرور الشهور و السنون ... فالأيام و الأسابيع لم تعد تجمع ألواننا و لا أفكارنا
الى سنين مراهقتنا... الى خواطري الاولى ...الى شعرها المنقول..الى اغاني عبد الحليم التي كنا نرددها وخاصة قارئة الفنجان...الى ايام سلين ديون ...الى اول رسالة حب حمّلتني مسؤولية كتابتها لها في اجتماع لنا نحن الاربع ....الى سهرات رمضان....الى خروجات التسوق...الى خصاماتنا..الى كل تلك المواقف المحرجة التي وضعتني فيها بتهورها....الى التلفزيون الذي كنا نحب مشاهدته سويا........الى دروس الانجليزية التي كنت اساعدها فيها ....الى بكائنا... أخطائنا.. مخاوفنا ..احلامنا... اكتئابنا .....أسرارنا التي كانت لا تنتهي ...الى كل تلك الطرق
اهدي هذه التدوينة و ربما من ستليها الى ...أرواح افترقت
هناك 17 تعليقًا:
قد تبدو التدوينة حزينة لكنها ليست كذلك ربما التحفظ اضفى عليها تلك الصبغة..ربما هو شعور بالذنب لأني حلقت و لم اعد اود لقاء سرب كنت قد افترقت عنه الا من الحين البعيد للاخر
ومن أخبرك أنها أرواح افترقت
بالعكس هيا ربما أجساد افترقت ولكن مازال الحنين والاشتياق والذكرى تجمع بين الأرواح فتتلاقى في سماء الماضي
الماضي... ذلك الرصيد الذي نحيا عليه ولولاه لما كان لنا حاضر
أما صديقتك فأدعو لهاأن ترزق ببر وليدها :)
ندى
عندما يغادرنا الناس
أو نغادرهم نبدو في عيونهم متكلسين
كأنما وقعنا فجأة في الفورمالين
غير مسموح لنا بالتطور
هم يريدوننا كما كنا قبل سنوات بعيدة
ونحن نريد أن نخبرهم أن هذا لم يعد ممكنا
بسبب ترحالي الدائم عن أماكني
تعلمت كيف أحتفظ بكل ما كان في قلبي
وأخاف أن أعاود قياسه على الواقع دائم التغير
لكن عندما قابلت أحد أصدقاء طفولتي بعد عشر سنوات لم أره فيها
ووجدت صورتي في حافظة نقوده
تعجبت من قسوتي جدا
ليتني
أستطيع العودة لكل الأماكن التي غادرتها
لكن خوفي من التغير
يقف حائلا بيني وبين ذلك
تدوينتك أعادتني
إلى محمد
الذي فارقته إلى الابد
تحياتي
عزيزتي تسنيم
طبعا نتلقي في الحاضر برصيدنا الماضي لكن رصيدنا الحاضر قد انتهى و لست حزينة لذلك و هي لا تعلم
يا رب ..يكون كذلك ..والديه باران بوالديهما عسى أن يكون المولود كذلك خصوصا و انها تقول أنها تريده وحيدا
سلام يا فراشة
:)
محمد
التعليق طار سأعيده و يارب ميطرش
:)
ما تقوله صحيح
و الحقيقة أني اسعد جدا برؤيتهم كما ذكرت في البوست لكن من حين للاخر بعيد ...تغيرت المعالم و تغيرت أنا و ربما أصبحت أتّبع عقلي أكثر من قلبي ..و قلوبنا جميعا تقيّحت
الحق أنه لم تعد تجمعنا نفس الاهتمامات و لم نعد نتحدث بنفس اللهجة..مع الكبر نحتاج الى أن نكون بجوار أناس يشبهوننا ..ربما لذلك اصبحت أقرب من أمي ..و أظنني أشبهها كثيرا الى درجة من المستحيل أن أعترف بها
بين الحال و الحال يتغيّر الحال
:)
محسوس جدا أنك غادرت محمدا الى محمد
لا تشكرني على شيىء
أظنك في منطقة امان الان
حتى و ان كنت ساكنا و الاخر كان متحركا
تحياتي محمد
:)
يااااااه
فكرتيني بحاجات كتير اوي .. رانيا جارتي لما كنا بنقعد عندي في البلكونة نشرب لشاي ونحكي عن كل واحدة كانت بتحب مين .. والرسايل اللي كانت بتطلب مني اكتبها باسلوبي وخطي تقديرا منها ليهم
وكروت الهدايا .. وننزل ننقي في عيد الحب واعياد الميلاد
ورجعتيني تاني للنهاردة انا ساكنة في مكان بعيد عن بيتنا القديم ورانيا اتجوزت وخلفت وطبعا كان واحد فير اللي بتحبه وانا كمان مبقيتش بحب نفس البني ادم
وحواديت وحكايات كتير عدت عليا وانا بقرا البوست بتاعك ده حسيتني عايزة اقوم اكلم واحدة واحدة من اصحاب الثانوية واسالهم بقيتوا فين
وابتسمت لما افتكرت اني لسة محتفظة باميرة وشيماء اعز اصحابي في مكانتهم وبرغم اننا اتفرقنا كل واحدة في كلية وكل واحدة في مكان
دخلتيني في كمية احاسيس كتير جدا .. شكرا ليكي بجد
الارواح لا تفترق ابدا لانها لا يحدها مكان
وغير مرتبطه بوقت
ربما يبتعج الاشخاص
لكن ارواحهم معا
بعيدين نحن ...ومهما افترقنا
فمازال فى رحتيك الامان
تغبين عنى وكم من قريب
يغيب وان كان ملىء المكان
فلا البعد يعنى غياب الوجوة
ولا الشوق يعرف معنى الزمان
تحياتى
صباح الخير ياصديقتي
احسدك على قدرتك على الاحتفاظ بكل هذا الحنين رغم افتراق الارواح
امارس بطريقة خاطئة التعامل مع اشيائي القديمة احاول جاهدة باستمرار امدادها بالحياة وافشل في كل مرة لاخسر الماضي والحاضر معا
لا اعرف
افكر في ان ادع كل شيء كما كان ولو في مخيلتي انا فقط
تحياتي
لمياء
(:
اااه من قصص الحب القديمة...و الرسايل.... بين و بينك لسة من كم شهر كتبت امييل صحبتي لخطيبها
lol
العفو
شكرا ليكي على المرور الجميل
ممكن
هنالك أناس نفترق عنهم بأجسادنا و أرواحنا و مع هذا نبقى نكن لهم المودة و المعزة
جميلة تلك الأبيات
ولا الشوق يعرف معنى الزمان
تحياتي إليك
هدى
فهمتيني يا صديقتي
أتعرفين..أنا اليوم أبحث عن الهدوء النفسي و أرتب أوراقي
و سيتغير الترتيب بحكم عدة عوامل
لا تيأسي
جربي و تأملي في النتائج
الماضي معناه نحن...ففيهم نبحث عنا نحن
السؤال : من نحن؟ و ماذا نريد؟
لا زلت أبحث هدى..لذلك أنا أدون..لم أصل الى شاطىء الامان بعد لكني اليوم أفضل بكثير
أمنياتي ليكي بكل خير يا رب
:)
لا تخالجني من طفولتي ايام كهذه.. تمنيتها ولكن القدر كان يرتب شيئا أخر.. وعلي الرغم من هذا أحن لبعض هذه الأيام .. فرغم كل شيء كان يتسلل بعض الهدوء النفسي إلي قلبي وانا واقف تحت المطر أحل مكان ابي في عمله في السوق.. أو تحت الشمس وانا اجهز خليط الأسمنت للمبلط الذس كنت أعمل معه.. لأكواب شاي متسخة.. رائحة العرق وحنية أمي .. وحتى قسوة أبي
بالأمس تمنيت ان يكون بجواري حتى ارتمي في حضنه حتى ولو مارس قسوته بعدها.. احن لأشياء كثيرة .. واحن الى نفسي .. وأدع الحنين يقتلني
أحمد
لي من طفولتي و من مراهقتي و لهن ما لا اعرف إن كانت ستحتمله المدونة و ما لا يحتمله ميثاقي الخفي معهن
أتعرف أبدو أنا أقوهن...و في الحقيقة ال3 أقوى مني ...ربما لأني لا أرتاح إلاّ اذا اقتنع عقلي و أحيانا أريد أن يقتنع ال2 :عقلي و قلبي
لقد شهدنا الكثير من الماسي ...أعتقد
انهن قفزن و أنا لازلت مقيّدة بشيىء
في هذه الدنيا هنالك المبحرون بأنواعهم و الخائفون
اه.... من الخوف في زمن يجري
أما حنينك الى نفسك ..هلاّ اذا وجدتها ستعجبك؟ نحن دائما نحنّ الى الماضي لأنه يحمل اثارنا
معناه؟
أننا فعلا كنا أ ح يا ءا في يوم ما
أ ب ر يا ءا في يوم ما
إن غادر فحاول أن تجد طريقا لتسامحه
التي أتحدث عنها فوق دخلت يوما عندها فوجدتها بلا وجه من عدد الكدمات التي جاءت على وجهها و على جسمها بمكواة انهال عليها بها اخوها
يومها كنا نقترب من العشرين او في بدايتها
هي سامحت و انا لم انس
أتعرف لماذا؟ لأنها على يقين أنها من هنا
و ي" أصيبت بسرطان و نحن صغيرات ثم ذهب بهم منحنى الفقر الى بئر غميق
ح" أصيبت باكتئاب حاد في اواخر العشرينات
و لن أقول أكثر
نحن لا نختار أهلنا و لا هم يختاروننا
نحن لا نختار قضاءنا لكنه يختارنا
نحن من نختار اليأس
نحن من نختار المقاومة
نحن من نختار الحياة أو الموت
لا بد من الحياة
لأن الرحيل الى الله ات لا محالة
تحياتي
أحن إلي خبر أمي
أحمد
:)
بتعرفي ياندى
صرت فكر ياترى بيجيني يوم وبأكتب شيء مشابه؟
بجد مابتمنى هالشيء يصير
ليندة
(:
لا داعي للتفكير في الأشياء المحزنة...الدنيا لا تقوم على التكهنات و إنما على الوقائع..و لا تعترف بالمنهزم و إنما بالقوي
تحياتي
إرسال تعليق